Main Observer الإدارة
عدد الرسائل : 262 العمر : 37 الموقع : http://tasmimi.net الأوسمة : الأوسمة : مزاجي : تاريخ التسجيل : 31/10/2007
| موضوع: لا تنگأوا الجراح .. بقلم :جابر نور سلطان الأربعاء يونيو 17, 2009 1:28 am | |
| لا تنگأوا الجراح
هذا البلد أحبه وأحب من يحبه أسلم عليه وأبوس على يديه وأطبع قبلة على جبينه وأرشق وردة في سترة بدلته وأرش العطر الدرناوي على قامته وأطوق عنقه بعقد من فل وياسمين طرابلسي وأعد له بضع تمرات من نخيل هون وأكسر له من الملة الغد أمسية أفترش معه الأرض أمام بيت رجباني وأقاسمه مشوارا في أزقة بنغازي العتيقة أقرأ عليه شعرا لمحمد الشلطامي وقصة طرائف للغناي ومساجلات لرفيق وأبياتا للفزاني وأخرى للرقيعي وتعليقات للفاخري وتعبيرات للصادق النيهوم.
أتوه معه في خطوط لوحة للطاهر المغربي وأسلم نفسي له في زرقة للعباني ونضيع سويا في مسارب لحن لسلام قدري وتنشى بمفردات ليبية عبقرية لمسعود بشون وأسلم نفسي وإياه لسطوة لوحة باذخة لعوض اعبيدة وأخصّه بسر باح به لي "حسن السوسي " قبل رحيله وأذيعه سر النص الأخير لراشد الزبير وأنثر عليه كلمات بنات مجنونات لشعراء وشاعرات لا يعرفهم أخصه بمجلة استثنائية ثقافية دافئة في رحاب الزاوية وأروي له قصة أول امرأة ليبية تقود مظاهرة وهي الباشا أقضي معه يوما ربيعيا وأدخله الجنة الليبية من أبوابها الشرقية المطلة على ينابيع الحسن والفتنة وأهرع معه باتجاه المسج الفاره لنحظى بملامسة العطر الضاج من جسر فينوس الخارجة للتو من حمامها أجعله مباشرة في حضرة أنفاس فارهة لما تزل تتقذ عشقا عظيما تنزّبه حبات الرمل أجعله مباشرة على مرمى نبضتين من منازل شهداء بقامات علياء، شماء، تفسح لها الجبال والسماء.
هذا البلد أحبه، وأحب من يحبه، بكل تفاصيله، وقسماته، وملامحه المنبسطة، والغائرة والمرهقة، والمفرطة في الفتنة، على الرغم من زخات العجاج، ومكابدات الجفاف، والأوقات التي لم تحسن معايشتنا، فبددت طويلاً من أعمارنا.. وعلى الرغم من الخطوات الكئيبة الغريبة التي مرت ذات يوم من هنا وابتلعها الرمل.
هذا الوطن أحبه وأحب من يحبه، سواء أكان حبه مفرطاً أم معتدلاً، أم عاصفاً المهم أنه يحبه وأنا أحبه، ولن أتردد في تلاوة آية حب عليه مستعيناً بقاموس الحب المصراتي، وبمفردات العلم المرجاوي، وبتهجدات مصلّ وحيد، على صعيد ناءٍ، ندي يعرض وجده، يقطر في صحارٍ سحيقة، تحيطه سبها بردائها، بينما يرى الله ويسمعه كلماته المتعثرة على لسانه، فتنتشي السماء بهذا الدعاء المفرط هو أيضاً في الحب، على بساطته وسذاجته، إلا أنه أسطوري، في طهره وعفويته.
- - -
هذا البلد أحبه وأحب من يحبه، أنقل إليه سريعاً من مفكرتي، كلمات عشق خارجة للتوّ من جراب مولع سرتاوي، لأسوّرها بمطالع سامقة لمتيم إجدابي.
هذا الوطن أحبه وأحب من يحبه، وأتلو على مسمعه أهازيج نسوة يسهرن على نوافذ ليبيا الجنوبية، يزرعنها أحلاماً، ودعوات وصلوات وانتظارات، وأسراراً لم يبحن بها إلا لها. إذا الوطن أحبه وأحب من يحب.. أستشرف مستقبلاً زاهراً، يليق بأبنائنا المنتظرين عند بوابات الغد!!
هذا الوطن أحبه لذا أراني غير متحمس لنكء الجراح، وإثارة الخصومة والبغضاء، وإشهار حالات العداء، التي لا تليق بالمحبين الذين يظلون محبين كباراً، وإن أفرطوا في استخدام الحب، ولم يفرطوا فيه قيد أنملة أنا لست مع نكء الجراح، لكني مع العتب، واللوم والتصارح كلها أخلاقيات كبيرة تشرع الأبواب المغلقة، وتفتح المزاليج الموصدة وتهيئ لمحبة عارمة لا تشبهها محبة.
كان ثمة خلافات عميقة في صياغة الأحلام ورسم الخطوات وانتقاء العناوين واختيار الطرق كانوا شباباً يافعين مملوءين حيوية وعفوية وثورية ربما في عشرينيات العمر كانوا يتقدون جذوة وطاقة وانبهاراً كل بفكرته يتفقون في عشق ليبيا وتجمعهم رغبة جامحة في تطويرها.
وهذا كله طبيعي ومنطقي دائماً تختلف وجهات النظر تتباين وتتقاطع إلى حد سحيق حتى في بواكير الرسالة الإسلامية كان ثمة خلافات كبيرة في صياغة الرؤي تجاه المواقف والأحداث،والتاريخ حافل بذلك في صلح الحديبية،وفي الموقف من الأسرى ،حيث تصاعد الخلاف إلى قمته حين طالب عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتل الأسرى من الكفار، وكان يرى من وجهة نظره في ذلك فائدة للإسلام والمسلمين ولكن رأي النبي على الطريق النقيض تماماً واقترح مقترحاً عبقرياً يعرفه جميعاً.
لا أريد أن نذهب عميقاً في نكء الجراح ، وإثارة الخصومات، العتب مطلوب والمصارحة التي تقود للمصالحة مطلوبة لكن لم يعد ثمة مزيد من الوقت نضيعه في خصومات وعداوات واستدعاء لصراعات.
- - -
لنجلس سوياً في حضرة ليبيا بأخلاق ليبيا ،وسجايا ليبيا،بنيات صادقة ، لنصوغ حلماً يليق بهذه الحسناء ،التي أرهقها الانتظار أمام بوابة الغد. وأرهقها الجدال والنزال حتى كاد عطرها يبرد، وحسنها يذبل ،وفتنتها تذوي وسحرها يضيع!!
[center]بقلم : جابر نور سلطان 2009-02-05 صحيفة قورينـــــــــا
[center]- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
التعليق:
تحية طيبة للسيد جابر نور على هذه المقالة المكثفة والزاخرة بأعلام ليبيا ، و إرثها في الزمن الحاضر .. فقد جالت في شرق ليبيا و غربها تجمع الأماكن و أطياف الراحلين ، و تلقي بها في نفوسنا دفعة واحدة ، في عبارات حرص على أن يقدمها تقديما متصلاً ..
و أن يعطي تلك الأعلام جزءاً من جانب فقدته و لازالت تفتقده إلى الآن .. و هو "جمع الشتات " ... فجميعهم .. وُجِـــد منفصلاً و اندثر منفصلاً ... و لم يلقى نصيبه الكافي لوضعه كجزءٍ له مركزه من لوحة "أعمـــــــــال ليبيا " ...
- - -
و دمتم بخير ..
[/center][/center] | |
|
This is me طالب مجتهد
عدد الرسائل : 296 العمر : 36 مزاجي : تاريخ التسجيل : 23/07/2008
| موضوع: رد: لا تنگأوا الجراح .. بقلم :جابر نور سلطان الأربعاء يونيو 17, 2009 7:55 pm | |
| تحياتى
للسيد/ جابر نور
والله يشرفنى ان فرد من افراد بلادى يحب و يعبر عن وطنه بهذه المشاعر المتدفقة التى ظهرت فى معانى هذه الآبيات الجميلة و توجها بأسامى أعلام من وطننا الحبيب فعلا ... أحسست بالفخر
Main Observor شكرا على نقلك | |
|
annonymous طالب مجتهد
عدد الرسائل : 651 الموقع : الأوسمة : الأوسمة : مزاجي : تاريخ التسجيل : 06/03/2008
| موضوع: رد: لا تنگأوا الجراح .. بقلم :جابر نور سلطان الخميس يونيو 18, 2009 7:10 pm | |
| - اقتباس :
- كل بفكرته يتفقون في عشق ليبيا وتجمعهم رغبة جامحة في تطويرها.
- اقتباس :
- لنجلس سوياً في حضرة ليبيا بأخلاق ليبيا ،وسجايا ليبيا،بنيات صادقة ،
لنصوغ حلماً يليق بهذه الحسناء ،التي أرهقها الانتظار أمام بوابة الغد. وأرهقها الجدال والنزال حتى كاد عطرها يبرد، وحسنها يذبل ،وفتنتها تذوي وسحرها يضيع!!
لهذا لازلنا نعشق ليبيا... | |
|