هذه قصة جندي اسرائيلي كان يحارب في فلسطين و هرب الى اسبانيا
يروي قصته و قد رفض ان يعلن عن اسمه ..
يقول : أنا أحد الجنود الإسرائيليين الذين يحاولون استرجاع أرضهم كما
قيل لنا ، أمروني بالجهة الشمالية من بيت المقدس ..
في البداية كنت فخورا بما أفعله ، خاصة عندما أضرب شابا في مثل عمري
أشعر بالقوة و احب اشعاره بالضعف ..
في يوم من الأيام علم أحد جواسيسنا بأن مجموعة من الفلسطينين سيقومون
بالهجوم علينا أثناء الليل ، فبدأنا بالإستعداد بكامل قوتنا ، و نحن نضحك
و نسخر منهم ، يظنوننا أغبياء ، لكننا كنا أذكى منهم !
أتى المساء فسمعنا صرخة مدوية من أحد المنازل ، فكانت تلك إشارتهم
لإستدراجنا ، فنفذنا خطتنا و شكلنا فرقتين ، فرقة تنتظر عند بيت المقدس .. وفرقة
تخرج للمنزل الذي سمعنا منه الصوت .
ذهبنا إلى هناك و كان المنزل مظلما جدا ، و كان مهدما حيث تم قصفه من قبل ،
دخلت الى المنزل و تملكني احساس غريب بالخوف ..
كنت أصلي لأخرج سالما ، و إذا بشخص أمامي يحاول قتلي لكن ردة فعلي كانت أسرع
و أطلقت عليه عدة طلقات ، و هنا ذهب شعور الخوف !
بعد عدة دقائق و اذا بي أرى عشرات أمامي .. لم يكونو رجالا ولا جنودا ..
بل كانو كالملائكة ، كانو يحيطون بي و يقاتلوني ، كنت أصرخ و لا أحد يسمعني
فظننت انني مت و انني بالجحيم .
رأيت أحد رفاقي و إذا به يضحك و يقول : ماذا تفعل ؟ تقاتل الهواء ؟
لكنني كنت أصرخ و أبكي و أقول : أنظر انني اقاتل عشرات لوحدي ساعدني !
و بدا مستغربا و يقول : هل تمزح ؟ انك تبدو كالأحمق ، هيا بنا نعود أدراجنا فيبدو انهم
لا يريدون الخروج لمقاتلتنا و يبدو ان جاسوسنا غبي أيضا !
و حينها كنت ما زلت أرى الوجوه التي أمامي يملأها الغضب .. و كانت أجنحتها
كالسوط على جسدي .. و كنت أصرخ و أرى صاحبي يهرب و أنا أصرخ : لا تتركني معهم !
ثم فقدت وعيي من هول ما رأيت ..
فتحت عيناي و إذا بي أرى رجلا عجوز يضمد جراحي .. و كان يهمس لي و لم أفهم
منه شيئا .. فلا أجيد العربية ، ثم أتى شاب بقمة الوسامة بعمر ال17 سنة تقريبا .
و تحدث معي باللغة الإنجليزية ، سألته اين انا ؟!
فقال لي : انك في منزل جدي ، كنا عائدين من المسجد و رأيناك فاقدا للوعي ، حملناك
و قمنا بتضميد جروحك .
و رأيت جده يخبره شيئا فأردف الي قائلا : كنت تقول اشياءا غريبة و تصرخ ، جدي
يريد معرفة ما جرى لك ..
تنهدت .. و أخبرتهم ما حدث و أنا أحس بخوف غريب .
ثم رأيت جده يبتسم ابتسامة ارتحت حين رأيتها و قال شيئا لحفيده فأخبرني حفيده :
هناك تفسير واحد ، ما ذكر بالقرآن الكريم ( اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم انى ممدكم بالف من الملائكة مردفين* وما جعله الله إلا
بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند
الله إن الله عزيز حكيم )
ثم بدأ يفسر لي تلك الآية التي جعلت جسمي يصاب بالقشعريرة ..
سألتهم : لماذا انقذتوني ؟! لماذا ساعدتوني ؟!
فقال الشاب : هذا واجبنا و ديننا .. لقد قتلتم والدي و والدتي ، شقيقاتي الأربع ، و شقيقي
الرضيع ، و جدتي ، لكننا رددنا الإساءة بالإحسان كما علمنا رسولنا الكريم .!
قلت لهم و أنا أبكي .. و تلك هي المرة الأولى التي أحس فيها بالضعف ..
و تلك هي المرة الأولى التي لا أجد وصفا من الكلمات يشرح حالتي النفسية ..
واجههته و قلت : كيف أكفر عن ذنبي لما فعلته طوال 5 سنوات ؟!
كيف أعيد لكم هذا الجميل ؟! كيف أوقف ما يحدث هنا من ظلم ؟!
وضع جده يده الحانية على راسي و بدأ يتمتم بكلمات من القرآن .. أشعرتني بالراحة ..!
و حين أنتهى ابتسم لي الشاب و قال : اطلق العنان لنفسك .. و ادرس الإسلام !
اذهب بعيدا .. و ابدأ من جديد .. فالإسلام يمحي جميع ذنوبك السابقة !
واظب على الصلاة فستشعر براحة .. اعطف على الفقير و رد الإساءة بما هي احسن
و سترى حياتك مملوءة بالسعادة .!
فقلت : إذا لماذا لا تعيشون في سعادة بما انكم تفعلون كل هذا ؟!
فقال لي : كيف يمكننا ان نطلب من الله ايقاف النعمة علينا ..
استغربت من كلامه و لم أفهم ..
فأردف قائلا : حين يموت لدينا 350 شهيدا في اليوم .. صدقني فنحن سعداء ..
سعداء لأننا نملأ الجنة و نحن فخورون بشهدائنا الأحياء عند ربهم يرزقون ..!
حين يختارنا الله بين البشر لاختبارنا .. فتلك أكبر شهادة بأننا أحد أفضل الأمم على الأرض !
كم أنا فخور بعائلتي التي ذهبت في دقيقة واحدة الى رب العالمين ..
ما اريده منك الآن ان تبدأ حياة جديدة مملوءة بالإخلاص ..
و تفتح صفحة بيضاء تملأها بالعمل الصالح ..!
بقيت عندهم يومين بينما أتعافى .. أكلت و شربت كما لم آكل من قبل .. تعلمت تعاليم
الإسلام .. و حينما اقتنعت اقتناعا كليا ..
نطقت بأجمل ما نطقت به شفتاي : أشهد إن لا إله الا الله و أن محمدا رسول الله ..!
فحضنني جده و قبلني على جبهتي و قال : رغم انك لست ابني ، و لا من لحمي و دمي
لكنني فخور بك و يزداد فخري بأن أراك رجلا صالحا ..!
ودعتهما .. و قررت الذهاب الى أوروبا .. حيث ابدأ من جديد .. أبني بيتا و أكون عائلة ..
خرجت من فلسطين متنكرا مع جميع الإسرائيليين المغادرين لقضاء رحلة في أوروبا ..!
و ذهبت الى اسبانيا فهي أسرع رحلة للخروج من هذا المكان ..!
و ما ان كانت الطائرة في الأجواء .. أحسست براحة غريبة ..
و ما ان هبطت في مدريد قلت في نفسي .. هنا يبدأ الإختبار ..
غادرت مدريد الى إشبيلية حيث بها عدد من المسلمين .. و كنت أذهب للمسجد كل يوم
حتى التقيت بمجموعة طيبة من المسلمين ..
منهم مغاربة و منهم فلسطينيون و منهم اوروبيون ..
حكيت لهم قصتي ، و أصبحت بطلا قوميا بنظرهم ..
ها أنا هنا بعد سنة كاملة .. متزوج من فتاة فرنسية ذات اصول جزائرية ..
و مستعد لإستقبال ابني الأول .. و غيرت اسمي الى محمد خير الأسماء ..
و سأسمي ابني علي تيمنا بالجد و حفيده ..!
منقوله